“فج الصفصاف”.. ملحمة إذاعية تُحيي نضال الفلاقة وتُسطع بمواهب القصرين

كتب: رمزي المحمدي
تستعد إذاعة القصرين المحلية لإطلاق مسلسل إذاعي جديد بعنوان “فج الصفصاف”، وهو عمل درامي يستعيد حقبة الإستعمار الفرنسي في تونس، ويجسد بسالة المقاومة الوطنية المعروفة بالفلاقة.
يندرج هذا العمل ضمن الجهود المبذولة لتعزيز الدراما الإذاعية في المناطق الداخلية، وإبراز المواهب المحلية على المستوى الوطني.
فريق العمل بين الهواية والإحتراف:
يأتي سيناريو المسلسل بقلم الكاتب سامي التليلي، أحد أبناء جهة القصرين، فيما يتولى إخراجه أنور العياشي، رئيس مصلحة الدراما بالإذاعة التونسية.
ويشارك في التمثيل عدد من الهواة من ولاية القصرين، إلى جانب بعض الأسماء التي تملك تجارب سابقة في المجال، كما تم تعزيز الفريق بممثلين محترفين من فرقة إذاعة قفصة والإذاعة الوطنية.
هذا التنوع في المستويات والتجارب يمنح المسلسل طابعًا خاصًا، حيث يمزج بين الحرفية، والخبرة من جهة، والحماس والطاقة الجديدة التي يجلبها الهواة من جهة أخرى، مما يساهم في خلق تجربة فنية ثرية وديناميكية.
إنتاج محلي بطموحات جهوية ووطنية:
“فج الصفصاف”، هو من إنتاج إذاعة القصرين، التي تعد حاليًا إذاعة محلية، لكنها تحظى بدعم واسع من الأهالي الذين يطمحون إلى تحويلها إلى إذاعة جهوية تُعنى بقضايا وإبداعات المنطقة.
من خلال هذا العمل، تسعى الإذاعة إلى تسليط الضوء على الطاقات الإبداعية في القصرين، وإتاحة الفرصة أمام الممثلين المحليين لإثبات قدراتهم، في ظل واقع فني تهيمن عليه مركزية الإنتاج في العاصمة، حيث غالبًا ما تُوزَّع الأدوار في الأعمال التلفزية والسينمائية بناءً على العلاقات الشخصية و الإنتشار الإعلامي.
إحياء التاريخ عبر الدراما الإذاعية:
يتناول المسلسل فترة من أهم الفترات التاريخية في تونس، حيث يجسد نضال الفلاقة ضد الإستعمار الفرنسي، وهو موضوع يحمل في طياته رمزية قوية للبطولة والتضحية من أجل الوطن.
وبهذه المقاربة، لا يقتصر” فج الصفصاف”، على كونه عملًا ترفيهيًا، بل يمثل أيضًا مادة توثيقية مهمة تُعيد إحياء أحداث قد تكون غائبة عن الذاكرة الجماعية، خاصة لدى الأجيال الجديدة.
نحو لامركزية الإنتاج الفني:
يمثل هذا المشروع خطوة جادة نحو كسر احتكار العاصمة للإنتاج الدرامي، وفتح المجال أمام الجهات الداخلية للمساهمة الفعلية في المشهد الثقافي والإعلامي الوطني.
وإذا نجح العمل في تحقيق الإنتشار المطلوب، فقد يكون حافزًا لمبادرات مماثلة مستقبلًا تسهم في خلق ديناميكية جديدة في المشهد الدرامي التونسي.
ختامًا، فإن “فج الصفصاف” ليس مجرد مسلسل إذاعي، بل هو رسالة ثقافية وتاريخية، وتجربة تفتح أبواب الأمل أمام المواهب الشابة في القصرين وغيرها من المناطق الداخلية، لإثبات أن الإبداع لا يقتصر على العاصمة، وأن الأصوات القادمة من الجهات قادرة على صنع الفارق متى أتيحت لها الفرصة.