حوارات حصرية

بـ3 لغات وجوائز دولية.. سعيد سلامة يرفع اسم مصر من القرى إلى العالمية

حوار: نهال يونس

 

من هو سعيد سلامة وما هي أبرز إنجازاته الأدبية؟

 

” سعيد سلامة شاعر مصري مترجم عن الإسبانية، وعضو في المركز الثقافي الإسباني، استطاع من خلال شعره أن يعبر حدود اللغة والجغرافيا، ليخلق جسرًا نابضًا بين الشرق والغرب “

 

– بدأت رحلتي حين تُرجم ديواني الثالث “يمضي كـ الطير” إلى اللغة الإسبانية، ومن بعدها لم أتوقف، بل تعلّمت الإسبانية على يد مترجم ديواني نفسه، وكتبت ديواني الرابع بثلاث لغات: العامية المصرية، الفصحى، والإسبانية، في تجربة شعرية فريدة من نوعها.

 

فزتُ بجائزة أحمد فؤاد نجم لشعر العامية المصري عن ديواني “خطر”، كما حصدت أعمالي المترجمة جوائز خارج مصر، مما جعل موهبتي تتردد أصداؤها في المحافل الأدبية الدولية.

 

كتبت ثلاث أغانٍ منشورة على جميع المنصات، كلماتها وغنائها مع باسم صقر، وهي: “ضربة نبوت”، “الخضر”، و”المركب”، ولم أتوقف عند هذا الحد، بل كتبت أول أغنية لي بالإسبانية، وأجري الآن بروفة لها بصوت مغنية إسبانية موهوبة، بالتعاون مع صديق إيطالي.

 

نشرت كبرى الصحف المصرية مثل الأهرام، الأخبار، والمصري اليوم قصائد لي، وأجرت معي دار الهلال حوارًا صحفيًا موسعًا، كما استُضيفت على الهواء مباشرة مع الإعلامي مرسي عبدالعليم بعد فوزي بجائزة نجم، وأشاد بي الشاعر الكبير ابراهيم عبدالفتاح في مداخلة هاتفية قائلاً: “سعيد سلامة شاعر صاحب موهبة كبيرة.”

 

كرمني اتحاد كتاب مصر، ورُشحت مؤخرًا للمشاركة في مسابقة لوركا العالمية بإسبانيا، وهو حدث ثقافي مهم يُنتظر الإعلان عن تفاصيله قريبًا.

 

وثّق اسمي ورحلتي الشعرية في كتاب سيرة ذاتية لمواطن إسباني، وتُرجمت قصائدي إلى الفرنسية، الصينية، والإنجليزية، والإيطالية وأُلقيت إحدى قصائدي بالإسبانية في مظاهرة تضامنية بغزة في إسبانيا.

 

سجّل ديواني الرابع في أشهر استوديوهات مدريد بمساعدة صديقي الفنان خوان مانويل، ونُشر عني مقال بعنوان: “سعيد سلامة.. شاعر مصري يغزو أوروبا”.

 

لم تتوقف مسيرتي عند النشر فقط، بل تم تصوير ديواني “يمضي كالطير” في عدة دول أوروبية، أبرزها بيت الشاعر لوركا، أحد رموز الأدب الإسباني.

 

تلقيت دعمًا ومحبة من قرّاء وأصدقاء من فرنسا، ألمانيا، إسبانيا، إيطاليا، رومانيا، النمسا، المجر، روسيا، بولندا، سويسرا، الجزائر، قطر، السعودية، هونج كونج، وسوريا، عبروا عنها بفيديوهات ورسائل تحتفي بقلمي وإيماني بالحب والإنسانية.

 

 

 كيف أثر تعلم سعيد سلامة اللغة الإسبانية على مسيرته الشعرية؟

 

تعلمتُ اللغة الإسبانية ليس فقط كلغة جديدة، بل بوابة واسعة فتحت أمامي آفاقًا ثقافية وشعرية لم أكن أحلم بها، اللغة الإسبانية هي التي مكنتني من عبور الحدود اللغوية، ومنحَتني القوة لأكتب شعري بثلاث لغات مختلفة، في تجربتي أصبحت نادرة وفريدة في المشهد الشعري العربي.

 

لم تكن الإسبانية مجرد أداة للتواصل، بل كانت جسراً حقيقياً بين الشرق والغرب، حيث التقت أفكاري ومشاعري مع تراث شعري غني، سمح لي أن أغوص في أعماق الكلمات وأعيد صياغتها بأسلوب يحمل توازنًا بين الأصالة والتجديد.

 

بهذا الانصهار اللغوي، تحولت القصيدة عندي إلى كائن حي يتنفس في عوالم متعددة، يجسد حلم التلاقي الثقافي الذي أؤمن به، فأصبحت كلماتي تتردد صداها في قارات مختلفة، من مدن القاهرة إلى مدريد، ومن ضفاف النيل إلى ضفاف الأندلس.

 

 

ما هي المواضيع التي تتناولها قصائد سعيد سلامة؟

 

قصائدي تدور حول الإنسان، أولًا وأخيرًا، أكتب عن الحب، لا بوصفه عاطفة عابرة، بل كقيمة عليا، كقوة تنقذ العالم، أكتب عن الحنين، عن الضعف البشري، عن الجراح التي لا تُرى ولكنها تشكلنا، أتناول الوطن كحضن لا كخريطة، والهوية كنبض لا كتعريف لغوي.

 

قصائدي لا تهرب من الألم، بل تتأمله وتحاوره، وتحاول أن تخلق منه جمالًا جديدًا، كما أنني مشغول بالعدالة، بالقضايا الإنسانية، خاصة حين يتجلى القبح في الحروب والخذلان، كما فعلت حين كتبت عن فلسطين بلغاتٍ عدّة، وكان وقعها مختلفًا في كل لسان.

 

أحاول أن أجعل من القصيدة مساحة صادقة للحوار الداخلي والخارجي، أن أضع القارئ أمام مرآته، وأدعوه أن يرى العالم والعلاقات والحياة بمنظار أكثر إنسانية، وأكثر صدقًا.

 

أحيانًا، يكون الشعر عندي صرخة، كقولى في أحد نصوصي:

 

“يارب قبل ما تخرج أنفاسي الأخيرة

وعيالي من الخلق يتنادوا بيتامى

خليني اشوف الصقر نازل بالجبيرة

أول ما يسمع كسر في جناح الحمامة”

 

في هذه الأبيات أختصر رؤيتي للعدالة، ولحلم لا يفارقني: أن يتدخل القوي لنصرة الضعيف، لا أن يصمت على ألمه، هذا ما أبحث عنه في كل نص، حتى وإن كان في هيئة حب أو فراق أو حنين… دائمًا هناك ظل إنساني، إن لم يكن هو الأصل.

 

 

كيف ساهمت تجربته في كتابة الشعر بثلاث لغات في إبداعه الشعري؟

 

الكتابة بثلاث لغات ليست فقط تحديًا لغويًا، بل تجربة روحية عميقة، أن تكتب الشعر بالعربية الفصحى، والعامية المصرية، ثم تنتقل للإسبانية، يعني أنك تخلع جلدك في كل مرة، ثم تحاول أن تعيد تشكيل نبضك بلونٍ آخر، دون أن تفقد صدقك.

 

العامية تعلّمني القرب، الفصحى تعلّمني الدهشة، والإسبانية تعلّمني الطيران.

 

كل لغة تأخذ بيدي إلى ضفة مختلفة من الإحساس، وتجبرني على أن أبحث عن الموسيقى الداخلية التي لا تعتمد فقط على الوزن، بل على المعنى، والإيقاع العاطفي، والنبرة التي لا تُترجم.

 

حين أكتب بالإسبانية، لا أترجم أفكاري، بل أعيشها من جديد في جسدٍ لغوي آخر، كأنني أكتب القصيدة مرتين، وأحبها مرتين، وأتألم ثلاث مرات.

 

هذه التجربة فتحت لي نوافذ كنت أجهل وجودها، وجعلتني أكثر وعيًا بفكرة “الاختلاف”، ليس بين اللغات فقط، بل بين القرّاء، والثقافات، وحتى بيني وبين نفسي، وأظن أن هذا الوعي هو ما يُبقي القصيدة حية، وقادرة على الدهشة.

 

 ما هي الجوائز التي حصل عليها سعيد سلامة، وما دلالتها على مسيرته؟

 

الجوائز ليست فقط أوسمة تُعلق على الجدران، بل هي إشارات على طريق طويل من المثابرة والإبداع والصدق، أنا فخور بحصولي على جائزة أحمد فؤاد نجم لشعر العامية المصرية عن ديواني “خطر”، لأنها جاءت من قلب المشهد الشعري المصري، ومن نجم كبير يمثل صوت الشعب وهمومه.

 

أما الجوائز التي حصلت عليها أعمالي المترجمة خارج مصر، فهي شهادة على أن الشعر لا يعرف حدودًا جغرافية أو لغوية، وأن قلمي قادر على التواصل مع قلوب ناس من ثقافات مختلفة.

 

هذه الجوائز تعني لي أن الطريق الذي اخترته، وهو الجسر بين لغات وثقافات متعددة، لم يكن عبثًا، بل هو رسالة، وأمانة، وأمل في قدرة الفن على توحيد المختلفين.

 

كل جائزة تضيف إلى رؤيتي، وتحفزني لأكون أكثر جرأة وعمقًا، وأدفع نفسي لأن أكتب قصائد لا تهتم فقط بجمال الكلمات، بل بتأثيرها الحقيقي في الإنسان والواقع.

 

كيف تتفاعل أعماله مع الثقافات المختلفة، خاصة بين الشرق والغرب؟

 

أعمالي هي محاولة دائمة لبناء جسور بين الشرق والغرب، لا عبر الأساطير أو القوالب الجاهزة، بل من خلال الشعر واللغة نفسها، أؤمن أن الشعر أعمق من كونه مجرد كلمات مرتبة، إنه نبض يجمع بين المشاعر الإنسانية في كل مكان.

 

حين أكتب، أفكر في القارئ من كل خلفية، وأسعى لأن يكون صوتي صادقًا بما يكفي ليصل إلى قلب أي إنسان، بغض النظر عن لغته أو ثقافته.

 

التفاعل بين الثقافات يظهر في تجربتي الشعريّة عبر الترجمة والكتابة بثلاث لغات، حيث أتمكن من نقل تفاصيل وتجارب لا يمكن أن تُفهم إلا إذا توحدت وجهات النظر المختلفة.

 

في هذا التفاعل أجد إثراءً دائمًا، وكل لغة تمنحني ألوانًا جديدة لشعري، وأفكارًا تجعل من قصيدتي مساحة مشتركة للإنسانية.

 

لذا، أرى أن تجربتي ليست فقط جسرًا بين الشرق والغرب، بل مساحة حوار حي يثري كل طرف، ويجعلنا نتقارب أكثر من خلال الكلمة.

 

 

ما هي الأغاني التي كتبها سعيد سلامة، وكيف تم استقبالها؟

 

كتابة الأغاني كانت امتدادًا طبيعيًا لشغفي بالكلمة والإيقاع، لكنها أضافت لي بعدًا جديدًا في التعبير عن المشاعر والأفكار، كتبت ثلاث أغاني نشرت على جميع المنصات الرقمية، أبرزها “ضربة نبوت”، “الخضر”، و”المركب”، والتي تعاونت فيها مع المغني باسم صقر، كان العمل معه تجربة مليئة بالحماس والإبداع، حيث وجدنا معًا لغة موسيقية تتناغم مع الكلمات.

 

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فقد كتبت أيضًا أول أغنية لي باللغة الإسبانية، والتي يتم حاليًا تسجيلها بصوت مغنية إسبانية موهوبة، بالتعاون مع صديق إيطالي، هذه التجربة الجديدة أضافت لي فرصة لاكتشاف أفق فني أوسع وتواصل مع جمهور مختلف.

 

استقبال الأغاني كان مشجعًا، حيث تفاعل الجمهور معها بشكل إيجابي، ووجدت في تلك الكلمات صدى عند مستمعين من ثقافات متنوعة، أشعر أن هذه الأعمال الموسيقية هي امتداد طبيعي لقصيدتي، لكنها تتيح لي مساحة أوسع للتواصل والتأثير.

 

 

 كيف ساهمت وسائل الإعلام المصرية في تسليط الضوء على أعماله؟

 

وسائل الإعلام المصرية كانت منصة حيوية وداعمة لمسيرتي، حيث فتحت لي أبوابًا للتواصل مع جمهور واسع ومتنوّع، الصحف الكبرى مثل الأهرام، الأخبار، والمصري اليوم نشرت قصائدي، مما منحها حضورًا ملموسًا في المشهد الثقافي.

 

كما أجرت معي دار الهلال حوارًا صحفيًا موسعًا، وكان فرصة لأشارك رؤاي وتجربتي الشعرية بشكل أعمق، ولا أنسى أيضًا استضافتي المباشرة مع الإعلامي مرسي عبد العليم، بعد حصولي على جائزة أحمد فؤاد نجم، حيث كان حوارنا فرصة لتسليط الضوء على الشعر العامي والمواضيع التي أتناولها.

 

هذا الدعم الإعلامي لم يكن فقط ترويجًا لأعمالي، بل كان شريكًا في بناء حضور شعري حقيقي، وساهم في نشر أفكاري وقيمي الإنسانية بين شرائح مختلفة من المجتمع.

 

 

 ما هو تأثير سعيد سلامة في المحافل الأدبية الدولية؟ 

 

 تجربتي الشعرية لم تقتصر على حدود بلدي فقط، بل وصلت إلى المحافل الأدبية الدولية، حيث لاقت أعمالي صدى واهتمامًا من مختلف الثقافات. كانت الترجمة إلى لغات مثل الإسبانية، الفرنسية، الصينية، الإنجليزية، والإيطالية، جسرًا سمح لكلماتي بالعبور إلى جمهور عالمي.

 

في تلك المحافل، لم تكن مشاركاتي مجرد حضور رمزي، بل كانت نصوصي جزءًا من حوارات ثقافية عميقة جمعت شعراء ومبدعين من أنحاء العالم، هذا الحضور وإن كان عبر الترجمة والتمثيل، أضاف إلى تجربتي عمقًا جديدًا، وجعلني أعي أكثر أهمية الشعر كوسيلة تواصل إنسانية تتجاوز الحواجز.

 

وأفتخر بأن إحدى قصائدي أُلقيت في مظاهرة تضامنية في إسبانيا، مما يؤكد أن للكلمة قوةً حقيقية في التعبير عن قضايا الشعوب وهمومها.

 

 

 كيف تم توثيق رحلته الشعرية في الكتابات الأخرى، وما أهمية ذلك؟

 

توثيق رحلتي الشعرية في كتابات الآخرين يُعد اعترافًا مهمًا بالمسيرة وبالمجهود الذي بذلته في بناء صوت شعري فريد، ومؤخرًا كتب شاعرٌ إسباني قصيدة عني، من المقرر أن تُنشر ضمن كتابه القادم، استلهمها من تجربتي الشعرية وتأثير كلماتي عليه، هذا التوثيق المنتظر ليس مجرد ذكرٍ عابر، بل هو دليل على أن صوتي تجاوز الحدود، وترك أثرًا إنسانيًا وفنيًا في نفوس من تابعوا مسيرتي من ثقافات مختلفة.

 

مثل هذا الحضور لا يضيف فقط إلى مصداقيتي كشاعر ومترجم، بل يخلق جسرًا إنسانيًا وأدبيًا بين الثقافات، ويسهم في إيصال الأدب المصري والعربي إلى فضاءات أوسع.

 

كما أن هذه الكتابات تمنح الباحثين والنقاد فرصة لفهم عمق تجربتي، وتحليل تأثيراتها الثقافية والفنية، مما يعزز مكانتي في المشهد الأدبي العالمي.

 

باختصار، التوثيق هو شهادة حية على أن الشعر حين يُكتب بصدق، يُصبح جزءًا من ذاكرة الآخرين، وصوتًا حاضرًا في حكايات لا تموت.

 

 

 ما هي الخطوات التالية في مسيرة سعيد سلامة الشعرية، خاصة بعد ترشيحه لمسابقة لوركا؟

 

ترشيحي لمسابقة لوركا كان لحظة مفصلية في حياتي الشعرية، إذ أرى فيها فرصة لا تعوّض للانطلاق إلى آفاق أوسع، الخطوة التالية بالنسبة لي ليست مجرد المشاركة، بل الاستمرار في تطوير صوتي الشعري، واستكشاف أبعاد جديدة في التعبير تلامس الروح والقلب.

 

أخطط لتعميق التجربة الشعرية من خلال مشاريع متعددة تشمل كتابة المزيد من الدواوين التي تجمع بين اللغات، والاستفادة من تجاربي في الترجمة لتوسيع دائرة تأثير كلماتي.

 

كما أرغب في تعزيز التواصل مع الشعراء والمثقفين من مختلف الثقافات، وفتح حوار شعري حي يجمع بين الشرق والغرب، ويحتفي بالتنوع الإنساني.

 

كل هذا يأتي من إيماني بأن الشعر ليس فقط فناً بل رسالة، وأن هذه الرسالة يجب أن تصل إلى أكبر عدد ممكن من الناس، لتكون صوتاً للحب والإنسانية في زمننا.

 

 

 كيف يعكس شعره القيم الإنسانية والحب في زمننا الحالي؟

 

شعري هو مرآة لروحي، وتجسيدٌ لمناصرتي لقيم الحب والإنسانية في عالمٍ يعاني من الصراعات والتباعد، أؤمن بأن الكلمة الصادقة تحمل قدرة عظيمة على إعادة الأمل وفتح أبواب التواصل بين القلوب.

 

في قصائدي، أسعى لنسج حكايات الإنسان البسيط، الذي يعشق، يتألم، ويحلم بغد أفضل، الحب عندي ليس مجرد شعور، بل هو فعل يتجاوز الكلمات ليصبح جسراً يربط بين الناس مهما كانت خلفياتهم.

 

وفي زمننا المعاصر، حيث تتكاثر الفجوات، أرى في الشعر وسيلة لإحياء قيم الرحمة والتسامح، وإذكاء شعلة الإنسانية في

النفوس.

 

لذلك، أحاول أن يكون شعري صوتًا يعبر عن نبض الحياة، ويذكّرنا بأننا جميعًا نشارك في نفس الرحلة، وأن الحب هو اللغة التي لا تحتاج إلى ترجمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى