“مرثية بصوت الصمت”… منذر رياحنة يصف فيروز في وداع زياد الرحباني بكلمات تهز القلوب

في لحظة توقفت عندها الأنفاس، واحتبس الحزن في عيون الوطن، حضر الرحيل كأقسى نشيد… رحل زياد، وبقيت فيروز واقفة، لا تُغني، بل تُوجِع.
وفي مشهدٍ عبقري بحساسيته، خطّ الفنان الأردني منذر رياحنة واحدة من أجمل وأعمق الكلمات التي كُتبت عن لحظة ظهور السيدة فيروز في جنازة ابنها زياد الرحباني. لم تكن مجرد كلمات عزاء، بل قطعة أدبية شعريّة حملت في طياتها الكثير من الحبّ، والانكسار، والتقدير.
كتب رياحنه في منشور مؤثّر عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي :
“رأينا فيروز… لا بصوتها، بل بصمتها. كانت هناك، شامخة كجبل، مكسورة كقلب أم. لم تغنِّ هذه المرة، فالحزن أكبر من كل الألحان. في جنازة زياد، لم تقف السيدة فيروز فقط أمام ابنها، بل أمام عمرٍ كامل من الذكريات، أمام موسيقى ووجع وفوضى عبقرية… مشهدها وحده كان مرثية صامتة، وصلاة لا تُقال بالكلمات…”
في سطرٍ واحد، اختصر رياحنه ما لم تستطع الكاميرات وصفه الوجع في صمت فيروز:
لقد بدت السيدة، التي لطالما غنّت للوطن والحب والحنين، عاجزة عن الغناء. لأنها لم تكن تودّع زياد فقط، بل تودّع قطعة من ذاتها، شريكًا في اللحن، ونقيضًا في العبقرية، وابنًا لا يشبه أحدًا إلا العبقرية نفسها
ليس غريبًا أن تصدر هذه الكلمات من منذر رياحنه، الفنان المعروف بحسّه الإنساني العالي، وقدرته على التقاط الجمال حتى في لحظات الفقد. كلماته هذه لم تكن مجرّد تأبين، بل كانت وقفة وفاء للفن، ولأم صنعت من صوتها صلاة، ومن صمتها نشيدًا أخيرًا.
في زمنٍ تتسارع فيه الأخبار وتُفقد المعاني، تأتي كلمات رياحنه لتعيد تعريف الحزن النبيل، ولتؤكّد أن الرحيل لا يحتاج صوتًا عالياً ليؤلم… بل يكفي أن تصمت فيروز.