خير أجناد الأرض
بقلم : مروة حسن
تحتفل مصر و الدول العربية بالذكرى الـ ٤٩ لنصر أكتوبر المجيد ،وقد يتساءل البعض ما الفائدة من الإحتفال سنوياً بهذه الذكرى العطرة ؟! بالطبع نحتفل سوياً بهذا الجلل لبث روح الإنتماء والولاء
والفخر في قلوب الأجيال الصاعدة نحو بلدهم وليتعرفوا على تضحيات وبطولات أجدادهم
الأبطال الذين وهبوا حياتهم وأرقت دمائهم الطاهرة في سبيل عز ورفعة الوطن .
ولا شك أن نصر أكتوبر بمثابة ملحمة وطنية تجلت فيها كل معاني الإرادة والعزيمة والإصرار والتحدي
لتغيير الواقع الأليم بعد هزيمة أو نكسة ١٩٦٧،و إحتلال العدو للأراضي سيناء كاملة، وإستنزاف
خيراتها أمام أعين المصريين والعالم الذي أكتفى بالمشاهدة دون حراك لرد الحق لأصحابه .
فكان لابد من تعديل المسار والإستفادة القصوى من أخطاء الماضي ودراسة الظروف من حولنا
بموضوعية والبعد عن العشوائية والعنترية فيإ تخاذ القرارات الغير مدروسة وفقاً للإمكانياتنا و معرفة ما يحاكي لنا من أعدائنا من خطط
ومؤامرات لترسيخ مفاهيم الإستسلام والإحباط في نفوس جيش مصر الأبي لنظل في مرحلة اللأسلم واللأحرب .
و بدأت مرحلة الإعتماد على سواعد وعقول أبناء الوطن المخلصين والمتعطشين للأخذ بالثأر وغسل
عار الهزيمة وتحرير أرض الفيروز من يد المغتصب .فـ بدأت القيادة السياسية في إعادة هيكلة و بناء
وتحديث الجيش بكافة أنواع الأسلحة المتطورة المتاحة في ذاك الوقت ،وتنويع مصادر السلاح
و الإعتماد على أصحاب المؤهلات العليا والمتوسطة بالإضافة إلى التدريبات العملية على أرض الواقع مثل التدريب على نموذج ومحاكاة عبور القناة
والساتر الترابي في منطقة وادي النطرون ،والإستفادة المثلى من المعلومات الإستخباراتية
الغزيرة المتاحة من خلال عناصرنا المزروعة داخل المجتمع الأسرائيلي .
وبالتخطيط الدقيق من قبل ضباط قواتنا المسلحة ذوي الخبرات العالية ، وبتعاون جميع أفرع قواتنا المسلحة الباسلة، إستطعنا بفضل الله من تحقيق
المعجزة – معجزة – عبور أكبر مانع مائي وإختراق الساتر الترابي الذي بلغ إرتفاعه اكثر من ٢٠ متراً ،وتحطيم خط بارليف الذي كان يمثل أكبر خط
دفاعي بني في العالم ،والتوغل في أراضي سيناء ،ورفع العلم المصري خفاقا على الضفة الشرقية للقنال .
وبهذا الإنتصار الساحق إستعاد المصريين والعرب كرامتهم وعزتهم أمام العالم الذي وقف مذهولاً
بشجاعة ومهارة الجندي المصري، وتخطيه الصعاب ،وتحقيقه المستحيل في ظل الأمكانيات المحدودة مقارنة بما هو متاح للعدو آنذاك .
فقبل الحرب كل المؤشرات وأراء الخبراء السياسيين و العسكريين كانت تؤكد أن المصريين والعرب لن تقوم لهم قائمة بعد هزيمة ١٩٦٧ .
ولكنه المعدن الأصيل للإنسان المصري الذي لا يرضى بالذل والهوان والإنكسار ،فحول الهزيمة لإنتصار زلزل الكيان الإسرائيلي و العالم .
ولذلك نحتفل سنوياً بهذا الحدث الجلل لتعلم الأجيال المعاصرة واللاحقة تضحيات وبطولات
أجدادهم المصريين الذين إرتوت ارض سيناء بدمائهم الزكية من أجل إستعادة أراضينا المحتلة .
فلم يجد العالم مفر من رفع القبعة للجندي المصري لبسالته وبطولاته الخارقة وبراعته في التخطيطه الذي فاق الخيال ،ولولا تلك الحرب ما إستعادت
مصر سيناء كاملة من أيدي المغتصبين، وأصبحت تلك الحرب حديث العالم ، وباتت تدرس في كبرى
الكليات والمعاهد العسكرية على مستوى العالم ، ولم لا؟! فالجندي المصري أثبت من خلالها أنه بحق خير أجناد بالذكرى.