عمر بن عبد العزيز ” رضي الله عنه الخليفة الزاهد ، وخامس الخلفاء الراشدين
بقلم / محمد حمدي :
هو أمير المؤمنين وخليفة المسلمين ” عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص ” أبو حفص الأموي القرشي ولد في مدينة حلوان المصرية عام 62هـ / 682م ، أبوة هو والي مصر عند مولدة ” عبد العزيز بن مروان ” ، وأمة ” أم عاصم ليلي بنت عاصم بن عمر بن الخطاب ” ، وقد حفظ ” عمر بن عبد العزيز ” القرآن الكريم وهو صغير السن ، وكان من أحرص الناس علي طلب العلم لما بلغ سن الرشد والدليل علي ذلك لما أراد أبية أن يصطحبه معه لبلاد الشام طلب منه عمر أن يرسله للمدينة المنورة ليتعلم من علمائها ، ويتأدب بأدبهم ففعل أبية ما يريده عمر ، وهناك في مدينة رسول الله صلي الله عليه وسلم لازم ” عمر بن العزيز ” مشايخ قريش وأبتعد عن شبابها وظل هناك عاكفاً علي دراسة الشعر ، والأدب ، والحديث حتي أنه روي الكثير من هذه الأحاديث عن الصاحبة ، والتابعين .
وقد ظل ” عمر بن عبد العزيز ” في المدينة المنورة حتي وفاة والدة ، وعندما تولي ” عبد الملك بن مروان ” الخلافة بعث يطلب من ابن أخية ترك المدينة والقدوم علية في دمشق وقام عبد الملك بتزويج عمر من إبنته ” فاطمة بنت عبد الملك ” وولاة ولاية ” خناصرة ” وهي ولاية صغيرة من أعمال ” حلب ” ؛ حيث ظل ” عمر بن العزيز ” والياً علي خناصرة حتي توفي عمه ” عبد الملك بن مروان ” عام 86هـ / 705م ، وتولي بعدة ” الوليد بن عبد الملك ” الخلافة الذي عينه والياً علي المدينة النورة ، ولعل السبب وراء قيام ” الوليد بن عبد الملك ” بتعيين ” عمر بن العزيز ” والياً علي المدينة هي رغبته في إقامة العدل بها بعد الفساد ، وسوء السيرة اللتان تمتع بهما والي المدينة السابق ” هشام بن إسماعيل المخزومي ” .
وفي أثناء ولاية ” عمر بن العزيز ” علي المدينة التي أستمرت لستة أعوام تمتعت المدينة بنشر العدل وكان فيها عمر موضعاً لرضا أهلها حتي صارت المدينة ملجاً لكل المضطهدين ، والفارين من قبل السلطات الأموية مما أدي لتوتر العلاقات بين ” عمر بن العزيز ” والإدارة المركزية في دمشق المتمثلة في الخليفة ” الوليد بن عبد الملك ” لذلك قام الخليفة بعزل عمر عن ولاية المدينة بناء علي طلب من ” الحجاج بن يوسف الثقفي ” الذي شكا للخليفة أن العصاة ، والخارجين علي سلطان الخلافة من أهل العراق يفرون ، ويتحصنون بالمدينة المنورة وهذا يمثل خطراً داهماً علي إستقرار الدولة ، وقد كان عزل ” عمر بن عبد العزيز ” عن المدينة في عام 93هـ / 712م .
ولما توفي ” الوليد بن عبد الملك ” وتولي الخلافة من بعدة ” سليمان بن عبد الملك ” أصبح ” عمر بن العزيز ” ومن كبار مستشارية ومن المقربين إلية ؛ حيث ظل يلازمه طوال فترة خلافته ؛ حيث كان الخليفة شديد الثقة ، والأعجاب به حتي أن الخليفة ” سليمان بن عبد الملك ” لما مرض مرض الموت كتب كتاباً بتولية ” عمر بن العزيز ” الخلافة من بعدة ومن بعد عمر يتولي الخلافة ” يزيد بن عبد الملك ” وفي الحقيقة لم يكن ” عمر بن العزيز ” يريد تولي الخلافة لأنه كان يعلم أنها حملاً ثقيلاً ، ومسؤلية جسيمة .
وبعد أن تولي ” عمر بن عبد العزيز ” الخلافة كان له الكثير من الأعمال التي كان لها دوراً هاماً في تقويم السياسة الأموية التي كانت قد أعوجت فيما سبق سواء في حقل السياسة أو الإدارة ، أو الإقتصاد .
فعلي صعيد السياسة الخارجية :
أصدر أوامرة ” لمسلمة بن عبد الملك ” بالإنسحاب بقواته من أمام أسوار العاصمة البيزنطية ” القسطنطينية ” وكان الهدف من وقف العمليات العسكرية بشكل مؤقت هو الحفاظ علي ما تم فتحة من البلدان فيما سبق والحفاظ عليها من الأخطار الخارجية والداخلية التي كانت تهدد إستقرار الدولة في ذلك الوقت .
أما علي صعيد السياسة الداخلية والإدارية قام الخليفة ” عمر بن عبد العزيز ” بالكثير من الإصلاحات لعل من أهمها ما يلي :
1- الإنفتاح علي الأحزاب المعارضة سواء الشيعة أو الخوارج من أجل تخفيف حدة عدائهم للأمويين .
2- التسامح الديني مع غير المسلمين ودعوتهم للإسلام .
3- خلق طبقة إدارية متأثرة بأفكارة الإصلاحية .
4- أمر ببناء الخانات في البلدان البعيدة عن مقر الخلافة من أجل إستضافة المسلمين المسافرين ومن هذه الخانات تلك التي بُنيت علي طريق ” خراسان ” .
5- قام بإبعاد تلامذة ” الحجاج بن يوسف الثقفي ” وخريجي مدرسته عن شؤون الحكم والإدارة في الدولة طوال فترة حكمة .
وقد توفي الخليفة ” عمر بن عبد العزيز ” في 25 من شهر رجب عام 101هـ / الموافق شهر كانون الثاني عام 720م عن عمراً ناهز التاسعة والثلاثين عاماً ، وهو في مدينة ” خناصرة ” بدير سمعان التي تقع بين ” حلب ، وحماة ” ، وكانت مدة خلافته عند وفاته سنتين وخمسة أشهر .
وبناءاً علي كل ما سبق يعتبر الخليفة ” عمر بن عبد العزيز ” من أهم ، وأشهر خلفاء بني أمية المصلحين الذين تولوا الحكم فكان في عدلة ، وزهدة قد أعاد للأذهان فترة عصر الخلافة الراشدة وجعل الكثير من المصادر تجعل منه خامس الخلفاء الراشدين .