معبد فيلة
بقلم : محمد حمدي
يذخر تاريخ مصر القديم علي مر العصور والأزمان الكثير من الكنوز الأثرية تلك الكنوز التي ظهر البعض منها إلي النور ، والبعض الأخر لا يزال دفين تراب مصر فأرض مصر كما هي خصبة زراعياً هي أيضاً خصبة أثرياً ، وحضارياً فكل يوم يمر تظهر الكثير من الأكتشافات الأثرية التي تظهر مدي تقدم المصريين القدماء في شتي العلوم ، وتظهر مدي القوة التي تمتعت بها الحضارة المصرية القديمة بين باقي حضارات العالم القديم والدليل علي ذلك وحتي بعض سقوط الأسرة الثلاثين المصرية وسقوط مصر تحت سيطرة الفرس ومن بعدهم البطالمه ، والرومان كان للحضارة المصرية تأثيراً واضحاً لدي هؤلاء الشعوب في شتي المجالات وهذا ما يظهر واضحاً في مقال اليوم الذي سوف نتحدث فيه عن أثر من أهم أثار مصر الهامة ألا وهو ” معبد فيلة ” .
وقبل الحديث عن المعبد لابد من الحديث عن الموقع الجغرافي لتلك الجزيرة المسماة فيلة والتي بُني عليها هذا الصرح البطلمي العظيم فجزيرة فيلة تنقع في منتصف نهر النيل ؛ حيث تفصل النيل إلي قناتين في أسوان ، وتعتبر هذه الجزيرة هي إحدي أقوي الحصون علي الحدود الجنوبية المصرية .
ويعود سبب تسمية الجزيرة بفيلة أو فيلاي إلي اللغة الأغريقية القديمة التي تعني ” الحبيبة ” أو ” الحبيبات ” ، أما عن المسمي العربي للجزيرة فهو ” أنس الوجود ” نسبة لأسطورة أنس الوجود التي ذُكرت في قصص ألف ليلة وليلة الشهيرة ، أما المسمي المصري القديم ، والقبطي فهو ” بيلاخ ” أو ” بيلاك ” ويعني الحد أو النهاية وذلك بسبب وقوعها في أقصي الحدود الجنوبية لمصر .
وتضم جزيرة فيلة الكثير من المعابد والأثار التي يعود تاريخها لفترة حكم الملوك المصريين القدماء ، وبعض الأثار التي تعود لفترة حكم الملوك البطالمة ولعل من هذه الأثار ما يلي :
1- معبد الملك ” نخبتو الأول ” الذي يعود تاريخ بناؤة للقرن الرابع قبل الميلاد .
2- معبد الملك ” بطلميوس فيلادلفيوس الثاني ” الكبير الذي خصص لعبادة الإلهه ” إيزيس ” في القرن الثالث قبل الميلاد وتعود شهرة هذا المعبد لحجرة الولادة التي تظهر فيها الإلهه إيزيس وهي ترضع أبنها حورس في أحراش النيل ؛ حيث كان يتم الإحتفال بمولدة كل عام ، وقد ظل هذا المعبد يقوم بدورة الديني تجاه الإلهه إيزيس حتي عهد الأمبراطور البيزنطي ” جستنيان ” الذي أمر بأغلاق المعابد الوثنية وأمر بالمعبد فتحول لكنيسة بعد تدمير كل النقوش التي تُقشت علي جدرانه .
3- وبجوار معبد الإلهه إيزيس بني معبد لعبادة الإلهه ” حتحور ” شيده كل من الملك ” بطلميوس فيلوماتور الرابع ” ، والإمبراطور ” أغسطس ” أول أباطرة روما
4- وإلي جانب المعابد المقامة في الجزيرة توجد مقصورة أمام معبد فيلة يعود تاريخ إنشاؤها للأمبراطور ” تراجان ” ولاتزال هذه المقصورة موجودة حتي اليوم علي الرغم من سقوط السقف الخاص بها .
ولكن كل هذه الأثار التي ذكرناها فيما سبق والتي تدل علي مدي الترابط بين الحضارات القديمة ومدي تأثير الحضارة المصرية القديمة علي غيرها من الحضارات وبالأخص الحضارة الرومانية ، والبطلمية غرقت منذ إكتمال بناء سد أسوان عام 1902م فكان من الضروري إنقاذ كل هذه الأثار فتم نقل أثار فيلة من معابد ، ومقاصير ، وتماثيل ، وأعمدة إلي جزيرة ” أجليلكيا ” بواسطة منظمة اليونسكو تلك الجزيرة التي تبعد مسافة 500 متر عن الموقع الأصلي لجزيرة فيلة .