وأد البنات حديثًا يتمثل في العنف ضد المرأة
وأد البنات حديثًا يتمثل في العنف ضد المرأة
تحقيق: سارة محمد الباجوري
قال الله تعالى:{وإذا المؤودة سُئلت بأي ذنبًا قتلت} “سورة التكوير:8”
لم يكن ذنبها إلا أنها خُلقت بنتًا؛ فكان في الجاهلية يفضلون الذكر على الأنثى حيث قال الله تعالى: {وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودًا وهو كظيم} “سورة النحل:58″؛ فكانوا يعتقدون أن الأنثى هي سبب في جلب العار فكانت تدفن في القبر وهي حيه؛ ولكن كافح الإسلام تلك العادة وجعل للمرأة مكانة كبيرة في المجتمع؛ ولكن ما نراهُ في السنوات الأخيرة هو عودة وأد البنات ولكن بطريقة غير مباشرة فتصبح المرأة كالمقتولة حال حياتها.
فكان من بين الأمور الغريبة التي أستوقفتني وأكدت معنى الوأد النفسي في خاطري هي حالة زوج يقاضي زوجته لإنجابها طفلة مصابة”بمتلازمة داون”، ورفع قضية لفسخ عقد الزواج وطالبها بإعادة كل الأموال التي تم دفعها تكاليف لأبنته في المستشفى وتكاليف الولاده، وكان ذلك بعد وفاة أبنته التي لم تعش في هذا العالم سوى 28 يومًا، لتفاجئ بصفعة آخرى من زوجها بعد وفاة أبنتها بدلًا من مواساتها لتخطي المحنة سويًا.
“عشان بنت يبقى ده ابتلاء”
وكان من المقبول وقوع العنف من الزوج لزوجته ولكن من الغريب وغير المعتاد وقوع العنف من الأم والأب على إبنتهم وذلك بسبب أنها خلقت بنتًا، لنعود بالزمن للعصر الجاهلي ولكن الفارق بأنهم لم يقوموا بدفنها حيه، ولكن فضلوا قتلها كل يوم بمعاملتهم السيئة التي لا تطاق ولا يتخيل شخصًا بأن هذه معاملة أباء لإبنتهم لتقول نصًا إحدى ضحايا العنف الأسري ض.س”علشان بنت يبقى ده إبتلاء”.
وتروي لنا عن بداية معاملة القسوة والإيذاء النفسي منذ ولادتها حيث قام الأب بطلاق الأم لأنها أنجبت بنت فهم عائلة تفضل الذكور ويعتبروا أن البنت عارًا وليس لها أهمية سوى خدمة الأهل فقط، فقامت الأم بترك أبنتها الرضيعة في الشارع وعادت لأهلها، وبعد حوالي ثلاثة أسابيع تتواجد فيهم الرضيعة فترة في قسم الشرطة والباقي داخل بيت أحد الجيران الذين كانوا رحماء بها أكثر من أهلها لتعود الأم لبيتها ويأتوا بأبنتهم ليبدأوا معها رحلة معاناة جديدة بإعتبارها خادمه لهم وليست أبنتهم.
“أنا ما هصدق إني همشي من هنا”
وتروي لنا أخرى تدعى م.و قصتها مع أهلها وخصوصًا أمها التي تشبعت بقسوة والدتها في تربيتهم لتمارس نفس طريقة التربية على أولادها وكأنها تحاول أن تشبع داخلها غريزة الإنتقام من معاملة والدتها على أولادها، ولم تكن وحدها التي تمارس العنف النفسي واللفظي تجاه أولادها ولكن كان يفعل ذلك أخواتها أيضًا الذين كانوا يعاملون أولاد أختهم بمنتهى القسوة ويمارسون تجاههم كل أنواع العنف سواء نفسي أو لفظي أو جسدي، وكان يقف الأب موقف المتفرج الذي لم يكن منه أي ردة فعل لما يحدث لأولاده لشدة طيبته.
وكل ذلك يوصل البنات بكره بيت أهلهم وتمني الهروب منه بأي طريقه حتى يهربوا من معاملة أهلهم القاسية ومن المفترض أن منزل الأهل هو المكان الأمن الوحيد للأبناء حيث قالت م.و نصًا”أنا ما هصدق إني همشي من هنا”.
محدثنا عن العنف الدكتور هاشم بحري أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر أنه نوع من أنواع التعبير عن الغضب، وله شكلين عنف داخلي ويكون بأن الشخص يمارس العنف ضد نفسه، أو عنف خارجي يُمَارس ضد أشخاص آخرين، وجاء مبرر زيادة العنف ضد المرأة من طبيعة المجتمع الذكوري الذي يرفض أن تعبر المرأة عن غضبها ولكن يبرر للرجل ذلك تحت مظلة أنها المخطأة دائمًا.
وبالنسبة لوجود المرأة بجانب الرجل في العمل هل تزيد من العنف تجاهها، قال الدكتور هاشم بحري: لا أرى أي علاقة فهناك إحصائيات تجد أن ثلث الأسر المصرية تعتمد على دخل الزوجة لأن دخلها أكثر من دخل الرجل، فبذلك الرجل لا يمارس العنف تجاهها لأنه يحتاج لعملها، وإحصائيًا لا توجد زيادة في ممارسة العنف حاليًا فالأعداد ثابته تتناسب مع زيادة عدد السكان، ولكن وسائل التواصل هي التي ساعدت على نشر هذه الجرائم ولذلك يعتقد البعض بأن الأعداد في زيادة، ولكن الخوف من المستقبل لأن الإعلام يوضح أن الأسلوب الوحيد للتعبير عن الغضب هو العنف فالقلق ليس مما يحدث حاليًا القلق الحقيقي من المستقبل.
“أستوصوا بالنساء خيرًا”
الشريعة الإسلامية ترفض ممارسة العنف ضد المرأة، وتحفظ لها جميع حقوقها النفسية والإجتماعية والمادية حيث قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19]، كما أمر الله الرجل بحسن معاشرة زوجته وحسن المعاملة في القول والفعل حيث قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}، وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالمرأة حتى أنه قال في أكثر من موضع«استوصُوا بالنساءِ خيرًا؛ فإنهن عندَكم عَوانٌ، ليس تملكون منهن شيئًا غير ذلك»، وقال أيضًا”رفقًا بالقوارير”.