شارل شابلن.. مأسآة صنعت أسطورة
كتب:أحمد الجوهري
شارلي شابلن الذي أضحك الملايين من الناس في كل أنحاء العالم، ومسح الأحزان من قلوبهم، وقدم الفكاهة التي عاشت نصف قرن من الزمان، والذي استطاع أن يترجم كل أنواع الآلام التي ذاقها في أيام طفولته، والتي يذوقها الفرد عامة في المعركة اليومية من أجل الحياة، فقد ترجمها إلى قصص فنية يقدمها للجمهور في أسلوب فكاهي تهكمي.
وترجع فلسفة شابلن في الحياة إلى ظروفه القاسية التي واجهته منذ الطفولة، وهو لم يبلغ بعد الخامسة من عمره، فقد عاش طفولة تعسة ممزقة وحرمان ووحدة ويتم مبكر.
ففقد ولد شارل سبنسر شابلن في إبريل عام 1889 في حي كنتجتن بلندن .. أمه حنا شابلن كانت عازفة بيانو ومغنية عرفت في زمانها باسم ” ليلى هارتي” .. اما أبوه فكان ممثلا في إحدى الفرق المسرحية التي كانت تجوب أنحاء إنجلترا.
فعاش منذ مولده حياة ملؤها الفقر والجوع ومر بتجربة قاسية وهو في الخامسة من عمره ظلت ذكراها تهزه طوال حياته وذلك حين دخل أحد الملاجئ بعد أن مات أبوه بسبب إدمان الخمر، واختفت أمه في غياهب مصحات الأمراض العقلية، وعاش شارلي وأخوه سيدني في ملجأ للأيتام وترك سيدني الملجأ، ليلحق بالأسطول التجاري، ولكن شارلي بقى هناك عامين، وعندما خرج من الملجأ إلى الشارع قد زادته التجربةصقلا، ولازمته في أسوأ ظروفه، وخرج إلى الشارع ليرقص ويغني أمام الناس مقابل قروش قليلة ولكنه لم يفقد أبدا إيمانه بنفسه.
يقول شارلي شابلن حينما كنت في الملجأ وبعد أن خرجت للبحث عن الخبز، كنت أرى في نفسي أكبر ممثل في العالم، وأحس بالثقة التامة في أعماقي، ولولا هذه الثقة لسقطت فورا.
كان يجول شوارع لندن طالبا للحياة، لا يدري أين سينام ليلته، وكان يصرخ أن الفقر هو سر كل آلامه، كما كان يصرح أن أمه كانت سببها في كل ما يعانيه، فكان لديه إحساس بأنها تخلت عنه في الوقت الذي كان في أشد الحاجة إليها، خاصة بعد المرض العقلي الذي ألم بها وجعلها تنسحب من عالم الحقيقة إلى عالم الخيال.
ويقول شارلي، أنني أشعر في قرارة نفسي بالحرمان ليس لأني كنت لا أجد اللقمة أبدا، فقد كانت تحيك بنا دائما كميات من الخبز والزبد، ولكن شقائي كان سببه إحساسي بقسوة الفقر ووضاعته، فقد كان علي أن أتجول في الشوارع مع أمي المختلة، وهي تترنح من إدمان شرب الخمر، وكانت أمه تمثل أدوارًا هزيلة في بعض التمثيليات الموسيقية، فإذا لم تجد عملا اشتغلت بالخياطة لللحصول على لقمة العيش.
وذات يوم صعدت الأم لتغني على خشبة المسارح الرخيصة في لندن، فاحتبس صوتها، فانهال عليها السكارى بالشتائم، وخرجت مذعورة إلى المستشفى، وأنقذ الطفل شارلي الموقف بأغنية قدمها لهم، وصار شابلن من وقتها يشترك في مسرحيات الأطفال أيام الأعياد، ويكسب بضعة شلنات، وذات يوم وصل إلى مدير هذا المسرح برقية من مدير مسرح آخر يقول له أنه رأى عنده صبيا لا يتجاوز العاشرة كان يمثل دور المخمور الذي يقع على الأرض لفرط سكره، وأنه يحناج إليه.
وفرح شارلي وأسند إليه كارنو مدير مسرح بورك بلندن بأول دور يمثله في حياته، وهو دور بيلي في مسرحية شارلوك هزلمز، ومنذ ذلك الوقت وشابلن يمثل دور المهرج الحزين أو الحزين المهرج.