سلطان الكوميديا “حقيقته عكست أمنيته”… في ذكرى ميلاده
كتبت : مادونا عادل عدلي
خفيف الظل الذي نافس نجوم كبار ونجوم من جيله حتى وفاته
الذي قال عن نفسه “السينما المصرية أنتجت 1500 فيلم أنا نصيبي منهم الثلث” وقد أكد في أغلب اللقاءات التليفزيونية التي أجريت معه على انتمائه للمسرح وتعلقه به واصفا نفسه بـ (فتى المسرح).
وعرف عن الفنان الراحل ثقافته واطلاعه المعرفي الكبير، وهو ما جعله يرتبط بعلاقة صداقة مع العديد من المثقفين والذين حكوا عنه وكانت لهم له مواقف عدة من بينها:
قال عنه الكاتب الكبير محمود السعدني شقيق الفنان الكبير صلاح السعدني في كتابه “المضحكون”: “ويأتي سعيد في مقدمة شلة العيال، وهو أخفهم دمًا، بل هو أخف دم مضحك على الإطلاق! وهو قادر على اضحاك طوب الأرض بحركة أو بلفتة أو بإشارة من اصبعه الصغير” وتابع: “ثم هو لأنه نجا بمعجزة من عملية حشو الرأس بشعارات المثقفين ودعاوي الادعياء ولأنه نبت شيطاني
فهو ابن الطبيعة وهو ممثل لأنه خلق ليحترف هذه المهنة، وهو يتشارك مع على الكسار في ميزة هامة وهي انه لا يتعمد التمثيل، ولكنه يتحرك على المسرح كما يتحرك في الشارع ويتكلم أمام المئات في المسرح كما يتكلم بين شلة من الاصدقاء المقربين”.
الكاتب والمؤلف المسرحي علي سالم قد كشف النقاب عن طرف من المواقف الأخلاقية لسعيد صالح الذي تألق مع عادل إمام ويونس شلبي واحمد زكي في مسرحية “مدرسة المشاغبين” وقال إن سعيد صالح كان مرشحا في الأصل لدور “بهجت الأباصيري” ولكنه بعد أن قرأ النص أكد أن عادل إمام هو الأصلح لهذا الدور واختار لنفسه دور “مرسي الزناتي”.
وتحكى الإعلامية الراحلة إيمان خيرى، عن علاقة والدها بالفنان سعيد صالح، بأنها رأت خيري شلبي باكياً مرات قليلة جداً آخرها قبل وفاته بأيام قليلة حينما تعب صديق عمره الفنان سعيد صالح ودخل المستشفى وأبلغه بذلك الفنان لطفي لبيب، حيث أصابته حالة انهيار شديدة واهتز كل جسده ولم يستطع أن يتمالك نفسه من البكاء.
كذلك أبو النجوم الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم الذي ارتبط بصداقة وثيقة مع النجم الراحل سعيد صالح ووصفه بكلماته العامية الدالة بأنه “بتاع الناس بجد ودماغه بتعجبني”.
من هو سعيد صالح
سعيد صالح من مواليد 1938، من أشهر أفلامه “سلام يا صاحبي” و”القط أصله أسد” و”424″ و”درب اللبانة” و”الهلفوت” و”على باب الوزير” و”زائر الفجر” و”المشبوه”، كما كانت أشهر أعماله المسرحية “مدرسة المشاغبين” و”العيال كبرت” و”البعبع” و”كعبلون” و”شرم برم” و”الشحاتين”و”تحت الصفر”، واقتصر ظهوره التلفزيوني على بعض السهرات، بالإضافة إلى مسلسلات “طريق الأيام” و”لعبة التحدي” و”السقوط في بئر سبع”.
الوجه الآخر لسعيد صالح
كان الراحل سعيد صالح أو “سلطان” كما كان يلقب في أشهر مسرحياته “العيال كبرت”، من الفنانين الذين عرف عنهم حبهم الشديد للفن، ولكن أيضا الرغبة في إتقان العمل والمشاركة في التصوير بمزاج جيد وكان يرى أن السينما هي ما تضعه في هذا المزاج، لأن عدد ساعات التصوير الخاصة بها أقل والتمثيل يحتاج إلى مزاج جيد.
رفض تجسيد دور العمدة سليمان غانم في مسلسل “ليالي الحلمية”، لعدم رغبته في استنزاف ذاته في الدراما، كما رفض فيلم “مسجل خطر” والذي كان سيشارك فيه البطولة مع الزعيم عادل إمام بسبب خوفه من الدور والتشابه بينه وبين شخصيته الحقيقية، إذ كان سيؤدي دور شخص لديه ابنة ويتوفى في نهاية العمل، وكانت لسعيد صالح ابنة وخشي أن يموت بالفعل في عالم الواقع فاعتذر عن الفيلم ليذهب الدور إلى صلاح قابيل بدلا منه.
ومن العلامات الأخرى التي عبّرت عن شخصية الراحل سعيد صالح صاحب القلب والعقل الكبيرين وخفة الدم، هي تعليقه على فترة وجوده بأحد السجون، حين أكد أنه كان سعيدا في السجن، وقال “إن الله أراد أن يختبرني، وشعرت بحب الناس لي، وكنت مشغولا داخل السجن، أقوم بحل مشكلات، وأصلي وأقرأ القرآن، وحفظته، فطلبت من الله التقرب إليه واستجاب لي
الأصدقاء الثلاثة
كان بحياة الراحل سعيد صالح علاقة مميزة باثنين من الأصدقاء لم يفرقهم المنتجون لفترة طويلة وكان أي منهما يحصل على الأجر بدلا من الآخر دون حزن أو غيرة فنية بينهما، والأمر يتعلق هنا بصلاح السعدني وعادل إمام.
كانت شهرة سعيد صالح وعادل إمام معا، وأكد “كوميديان المهمشين”، في أحد اللقاءات التلفزيونية أنه لم يكن بينهما أي نوع من الغيرة وكانا يشجعان بعضهما على المسرح.
وأكدت ذلك ابنة سعيد صالح، هند التي خرجت لتعلن عن تواصل علاقتها مع الزعيم عادل إمام والذي يطمئن عليها بشكل مستمر، وهو عكس ما كان ينتشر من شائعات عن علاقة عادل إمام وسعيد صالح.
أما علاقة الراحل بالفنان صلاح السعدني، فقال عنها إنهما أشقاء لم تلدهما أم واحدة، وأنه ارتبط اسمهما كثيرا في بداية مشوارهما الفني، كما عرف سعيد صالح بأنه من الفنانين الذين صنعوا علاقات طيبة مع الجميع.
سجن سياسي ومزاجي
تعرض سعيد صالح للسجن خلال حياته 3 مرات، كانت أولها بسبب عمل فني، وكان هو أول فنان يصدر ضده حكم بسبب عمل فني، حيث كان يلقب نفسه بـ”ملك الخروج عن النص”، وهو ما تسبب في حبسه عام 1983 حين قام بالسباب على المسرح فحكم عليه بـ17 يوما على ذمة التحقيق ثم أفرج عنه.
وقد طال هذا العمل بعض الشائعات، بأنه حبس بسبب جملة سياسية قيلت تهكما على الرؤساء المصريين في مسرحية “لعبة اسمها الفلوس”، حين قال بالعامية المصرية “أمي اتجوزت 3 مرات الأول أكّلنا المش والتاني علّمنا الغش والتالت لا بيهش ولا بينش”، وأثارت القضية حينها جدلا واسعا في الأوساط الفنية والإعلامية، وتمت تبرئته في النهاية.
وحبس في المرة الثانية عام 1991 في قضية مخدرات ملفقة وتمت تبرئته لعدم كفاية الأدلة، وفي عام 1996، اتهم بالتهمة ذاتها مرة أخرى وسجن لمدة عام وغرامة 10 آلاف جنيه، وتم تبرئة جميع المتهمين في القضية باستثناء الراحل، وخرج بعد انقضاء المدة التي أقرتها المحكمة.
كان طموح سعيد صالح الأول هو أن يكون مطربا وتقدم بالفعل لنقابة المهن الموسيقية، وكان يعتمد السماع ولا يعرف القواعد وأساسيات التلحين ولهذا تم رفضه، وفقا لما ذكره الملحن حلمي بكر الذي كان حينها عضو لجنة استماع بالنقابة.
لحّن سعيد صالح وأدى العديد من الأغاني في أعماله السينمائية والمسرحية والتي حظيت بمحبة الجمهور، منها “على اسم مصر” و”احنا النهاردة إيه” و”ممنوع من السفر” و”طول النهار شقيان”.
ومع هذا التاريخ الفني الطويل أنهى سعيد صالح مشواره من خلال ظهوره في عدد من الأعمال كضيف شرف كان أبرزها مع عادل إمام في فيلم “زهايمر” وآخرها فيلم “متعب وشادية” عام 2013.