إن لم يكن اللاعبون بشرًا فلن أخسر أبدًا.. من هو مارسيلو بيلسا أستاذ جوارديولا؟
أعلن نادي ليدز يونايتد تجديد تعاقده مع المدرب الأرجنتيني مارسيلو بيلسا لمدة عام إضافي حتى ٢٠٢٠-٢٠٢١، قبل يوم واحد من انطلاق الدوري الإنجليزي الممتاز.
واستطاع المدرب الأرجنتيني مارسيلو بيلسا بعد أن غاب فريقه ليدز يونايتد عن الدوري الإنجليزي الممتاز لمدة ١٦ عامًا، إحراج يورجن كلوب وفريقه ليفربول على ملعب أنفيلد في المباراة الافتتاحية للموسم الماضي ٢٠٢٠-٢٠٢١، فعلى الرغم من خسارة ليدز المباراة بنتيجة ٤-٣ في الدقيقة ٨٨ بفضل هدف الفرعون المصري محمد صلاح بنتيجة، ألا أن المدرب الأرجنتيني قدم مباراة عظيمة أمام حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز ٢٠١٩-٢٠٢٠.
فنجاحات المدرب الأرجنتيني لا تتناسب مع حجم التقدير الذي يناله في الأوساط الرياضية، فعلى الرغم من أن مسيرته الكُروية الطويلة لم يحصد فيها سوى الميدالية الذهبية مع منتخب الأرجنتين في أوليمبياد أثينا ٢٠٠٤، والمركز الأول في دوري الدرجة الاولى الإنجليزي الموسم الماضي، إلا أنه لا يختلف اثنان على عبقرية مارسيلو بيلسا.
حيث يعد “بيلسا” هو الأب الروحي للعديد من المدربين الكبار مثل بيب جوارديولا، ماوريسيو، بوتشيتينو ودييجو سيميوني، فقد قال عنه بيب جوارديولا: “أفضل مدرب في العالم، لقد ساعدني كثيرًا بنصيحته، كلما تحدثت معه أشعر أنه يريد مساعدتي”.
وقال عنه ماوريسيو بوتشيتينو: ” إنه مثل والدي في كرة القدم، نحن جيل من المدربين الذين كنا تلاميذه، أعتقد أننا جميعًا أخذنا منه شعوره بكرة القدم وشغفه بها”.
كما أشاد أسطورة برشلونة وأياكس يوهان كرويف بأداء منتخب تشيلي تحت قيادته عام ١٠١٠، قائلًا: إن منتخب تشيلي لعب أكثر كرة قدم جاذبية في كأس العالم”.
كما أن تأثير مارسيلو بيلسا ليس فقط على المدربيين ذوي النزعة الهجومية، بل يمتد ليشمل مدربين ليسوا من مدرسة المدرب الأرجنتيني، مثل دييجو سيميوني الذي يصنف كأحد أبرز المدربين الدفاعيين في العالم، فقد قال دييجو سيميوني عن بيلسا: “لقد علمني أكثر من غيره”. مما يدل على أن تأثير “بيلسا” كان على كل المدربين الأرجنتينيين بمختلف مدارسهم التكتيكية.
على الرغم من ذلك تعد مسيرة المدرب الأرجنتيني مع المنتخبات ضعيفة رغم إمكانياته الخططية العظيمة، فقد درب المنتخب الأرجنتيني ست سنوات ١٩٩٨-٢٠٠٤، ودرب منتخب تشيلي لأربع سنوات من ٢٠٠٧-٢٠١١، ولم يفز إلا بالميدالية الذهبية في أوليمبياد أثينا ٢٠٠٤.
بينما مع الأندية لم يتسنى للمدرب الأرجنتيني المخضرم أن درب فرق صف أول في الدوريات الأوروبية، فقد اقتصرت مسيرته على تدريب فرق صف ثان في أوروبا، مثل أتلتيك بيلباو ٢٠١١-٢٠١٣، وحقق مع الفريق الإسباني بعض الإنجازات كالوصول إلى نهائي الدوري الأوروبي وكأس ملك إسبانيا، ودرب نادي مارسيليا الفرنسي في الفترة من ٢٠١٤-٢٠١٥،
ودرب نادي لاتسيو الإيطالي عام ٢٠١٦، وبعد يومين فقط من توليه المنصب استقال، ولم يستمر مع النادي الإيطالي بسبب شخصيته الصارمة والتي دائما ما تصطدم مع الإدارات، فقد أوضح بعد ذلك سبب استقالته وهو أن النادي لم قادرًا على شراء اللاعبين الذين اختارهم، وحلَّ الموعد النهائي الذي منحه للنادي دون التعاقد مع تلك الصفقات.
ثم تكرر ذلك مرة أخرى لكن بصورة مختلفة مع فريق ليل الفرنسي، فقد تولى تدريب الفريق عام ٢٠١٧، ولم يستغرق سوى ستة أشهر فقط حتى يرحل عنه بعد أن طلب مغادرة اللاعبين الكبار والتعاقد مع لاعبين شباب، الأمر الذي جعله يرحل سريعًا عن الفريق الفرنسي.
وأخيرًا عام ٢٠١٨، تم تعيين مارسيلو بيلسا مديرًا فنيًا لنادي ليدز يونايتد، وبعد موسمين استطاع العبور بالفريق الإنجليزي إلى الدوري الإنجليزي الممتاز عام ٢٠٢٠ بعد أن غاب لمدة ١٦ عامًا.
كذلك لم تشهد مسيرة المدرب الأرجنتيني الذي يبلغ من العمر ٦٥ عام، أي توهجٍ ملحوظ كلاعب، حيث أنه كان مدافع في الفرق الأرجنتينية فترة السبعينات، ثم بدأ مسيرته التدريبية مطلع الثمانينيات بتدريب فرق أرجنتينية ومكسيكية كثيرة، حتى أتيحت له فرصة تدريب فريق إسبانيول عام ١٩٩٨.
مسيرة “بيلسا” لم تكن عظيمة مع الأندية أو المنتخبات التي تدربها، ورغم ذلك فهو من المدربين القليلين العباقرة في عالم كرة القدم، ويرجع ذلك إلى أفكاره الثورية، وأساليبة التدريية الحديثة التي ألهمت العديد من المدربين الذين استلهموا من فلسفته الكروية، ويعتبر بيلسا رائد مدرسة الضغط والاستحواذ في لعبة كرة القدم، ومعروف عنه اهتمامه الكبير بالتفاصيل الخططية في الملعب، كالعبقري بيب جوارديولا، فالمدرب الأرجنتيني لا يترك مجالًا للصدف، وتعد أبرز مقولاته التي تبين تلك الأفكار هي: إذا لم يكن اللاعبون بشرًا، فلن أخسر أبدًا”، ومما يبروز فلسفته الهجومية مقولته الشهيرة: “الهجوم هو أبسط طريقة للنجاح والفوز في كرة القدم”.
فرغم كل تلك الإشادات من المدربين بالمخضرم مارسيلو بيلسا إلا أن نهايته لم تكن بأفضل حال مع نادي ليدز يونايتد فقد أعلن النادي الإنجليزي اليوم رسميًا إقالة مارسيلو بيلسا من تدريب الفريق بعد النتائج السيئة التي حققها مؤخرًا، وبعد خسارته أمس أمام فريق توتنهام بأربعة أهداف دون رد، لتنتهي بذلك مسيرة عقلية عظيمة في عالم كرة القدم، لكن مشجعي كرة القدم ينتظرون عودته ومشاهدته مرة أخرى داخل الملاعب.