في ذكري وفاه سندريلا الشاشة العربية سعاد حسني تعرف أبرز أعمالها
تقرير: مروة حسن
يتزامن اليوم ذكرى رحيل سندريلا الشاشة العربية الفنانة الكبيرة سعاد حسنى التي رحلت عن عالمنا في مثل هذا اليوم في الـ 21 من يونيو من عام 2001،والتي إتسمت بالبساطة والتواضع وإعتادت على التصريح بأنها ليست جميلة، منحها النقاد لقب«سندريلا الشاشة» بسبب تمتعها بقبول كبير، وجاذبية من نوع مختلف، وموهبة جمعت بين خفة الدم والغناء والاستعراض، إلى جانب قدرتها على التحول، وتقديم الأعمال الجادة.
قدمت سعاد حسني مسيرة فنية متنوعة بين شخصيات مليئة بالبهجة والحيوية، وأخرى مركبة ودرامية حملت هموما مجتمعية وسياسية، عرفها الجمهور في البداية بخفة الظل والمهارات الإستعراضية، لكنها نجحت في تقديم أداء تنوع بين الأدوار الخفيفة والميلودراما بنفس المستوى من الإتقان، وهو ما أهلها لإحتلال مكانة فنية جعلتها تقترب وتنافس فاتن حمامة على لقب ممثلة القرن على الرغم من إنتمائها لجيل آخر،والتي إعتبرت بمثابة أيقونة من عالم أيقونات السينما المصرية والعربية، لما لها من كاريزما خاصة نابعة من موهبة صنفها ووصفها كل من تعامل معها بالموهبة الجبارة في عالم التمثيل إذ أنها كانت تتقمص الأدوار بطريقة مميزة.
وسعاد حسني هي الفنانة التي عشقتها الأجيال بداية من من الستينات حتى جيل الألفينات، وهي فتاة الإستعراض التي عرفها الجمهور بالضحكة البريئة والملامح الملهمة فهي سندريلا واحدة، إشتهرت سعاد حسنى بقدرتها على لعب مختلف الأدوار ما بين كوميدي إلى تراجيدى لأعقد الأدوار المركبة بتلقائية شديدة بالإضافة لكونها فنانة إستعراضية بإمتياز صاحبة صوت مميز، إستطاعت به خدمة الأعمال التي تقدمها بأغانى مميزة طالما كانت حاضرة إلى الآن مثل أغنية بانو بانو وغيرها من الأغانى خفيفة الظل التي إشتهرت بها بأفلام مثل خلى بالك من زوزو،وصغيرة عالحب.
ورغم ذلك التنوع، بقيت السمة الغالبة على شخصيتها الفنية هي تلك الفتاة المليئة بالحيوية التي تصنع حالة من البهجة لجمهورها، لكن هذه البهجة على الشاشة لم تنعكس على حياتها الشخصية التي إمتلأت بالدراما وإنتهت بمأساة بسقوطها من شرفة المنزل الذي أقامت فيه أواخر سنواتها في العاصمة البريطانية.
وكانت الفنانة الكبيرة سعاد حسني تمثل أيقونة للجمال والأناقة على مر العصور، حيث كانت تختار دائمًا إطلالتها وأزياءها التي تتناسب معها وتبرز جمال ورشاقة جسمها، إلى أن أصبحت من أهم الأيقونات في عالم الموضة، حيث اعتمدت سعاد أن تكون هي صانعة الموضة، بالتصميمات التي صنعت خصيصًا من أجلها.
ومن أشهر فساتين سعاد حسني هو فستان أغنية “الدنيا ربيع” في فيلم أميرة “حبي أنا”، والذي قالت عنه أختها جنجا في تصريحات سابقة: الفستان من تصميم سوسن الصاوي ابنة أختهما خديجة، حيث كانت هي المختصة بتصميم كل الأزياء الخاصة بالسندريلا الفنية وغير الفنية ، وكانت سعاد تحرص على أن يكون كل ما ترتديه من ملابس في أى عمل فني لها مناسبا تماما للمشهد بكل ما يحويه من تفاصيل من فكرة وأجواء وسياق درامي وكل أدوات المشهد اللازمة .
ولدت الفنانة الراحلة سعاد حسني فى 26 يناير عام 1943، فى حى بولاق أبو العلا بمحافظة القاهرة، لأب ترجع أصوله إلى الشام، هو محمد كمال حسني البابا، الخطاط العربي الشهير الذي إنتقل من سورية إلى القاهرة في عام 1912،ووالدتها جوهرة محمد حسن صفور، مصرية تنتمي لعائلة حِمصية، وكان ترتبيها العاشر بين 16أخًا وأختًا معظمهم غير أشقاء، كانت تمتلك سوى شقيقتين فقط هما كوثر وصباح أما باقى إخوتها فكانوا مقسمين بين أبويها حيث كان لديها ستة إخوة من أمها، وثمانية من أبيها، وأشهرهم بالطبع كانت الفنانة نجاة الصغيرة، وكان جدها حسني البابا كان مطربا في دمشق، وعمها أنور البابا أيضا كان ممثلاً.
وقد منحها ذلك المناخ العائلي فرصة الإختلاط بعالم الفن منذ سنواتها الأولى ودعم موهبتها الفطرية، لكن هذه المنحة كانت مصحوبة بمحنة، إذ عاشت هذه الممثلة ذات الأصول السورية طفولة قاسية بعد إنفصال والديها وهي لا تزال بالخامسة من عمرها، ثم تزوجت والدتها من عبد المنعم حافظ كان يعمل مفتّشًا فى التربية والتعليم، الذي تولى حضانة بناتها الثلاث كوثر وسعاد وصباح.
ولم تتح لها أى حظ من التعليم فى المدارس النظامية كغيرها من الأطفال، ولكن إقتصر الأمر على تلقينها بعض أساسيات القراءة والكتابة فى المنزل،ولم تحصل على أي شهادة، إلى أن رشحها زوج شقيقتها للمشاركة وهي لا تزال طفلة صغيرة في برنامج “بابا شارو” الذي كان يقدمه الإذاعي محمد محمود شعبان بالإذاعة، لتحصل على مقابل زهيد يعين والدتها السيدة جوهرة على المعيشة.
وكان أول لقاء بينها وبين ابن عمها أنور البابا، الفنان السوري، عام 1963 في منزل الفنان اللبناني محمد شامل.
وجاء أول لقاء لسعاد بالجمهور في طفولتها المبكرة، حين غنت في حفل بحديقة الحرية “أنا سعاد أخت القمر.. بين العباد حسني إشتهر.. طولي شبر وصوتي سحر.. وجهي بدر كلي بشر”.
إكتشفها الشاعر عبد الرحمن الخميسي، الذي أشركها في مسرحيته “هاملت” لشكسبير، بعد ذلك، ضمها المخرج هنري بركات لدور البطولة في فيلمه “حسن ونعيمة” عام 1959. منذ ذلك الحين، توالت أفلامها خلال عقدي الستينيات والسبعينيات، ومن أشهر أفلامها: “مال ونساء”، “موعد في البرج”، “صغيرة على الحب”، “الزوجة الثانية”، و”خلي بالك من زوزو”. وصل رصيدها السينمائي إلى 91 فيلمًا.
بدأت سعاد حسني مسيرتها الفنية بمساعدة الشاعر عبد الرحمن الخميسي، الذي أشركها في مسرحيته “هاملت” في دور أوفيليا. ثم ضمها المخرج هنري بركات إلى طاقم فيلمه “حسن ونعيمة” في دور نعيمة وأصدر الفيلم عام 1959. عملت بعدها مع أكبر مخرجي السينما المصرية، مثل صلاح أبو سيف، عز الدين ذو الفقار، يوسف شاهين، حسن الإمام، وكمال الشيخ، وشاركت في أفلامها نجوم السينما المصرية من عدة أجيال، مثل صلاح ذو الفقار، رشدي أباظة، نور الشريف، وأحمد زكي،ورشدي أباظة،وعادل إمام، خاصة أن صغر سنها وقت دخولها التمثيل سمح لها بالوقوف أمام أجيال مختلفة من الممثلين.
وبعد سنوات قليلة، رشحت فاتن حمامة لتقدم بطولة القصة في فيلم سينمائي، إلا أن الفنان محمد عبد الوهاب منتج الفيلم أصر على إختيار وجوه جديدة للبطولة لتحصل سعاد على فرصتها الأولى أمام الشاشة مع المغني محرم فؤاد في فيلم “حسن ونعيمة” عام 1959 الذى لعبت من خلاله دور نعيمة، أمام المطرب الشاب وقتها محرّم فؤاد، الذى لعب دور حسن، وكانت معظم أفلامها فى الفترة بين 1959 إلى 1970، وحملت لقب سندريلا الشاشة العربية .
ظهرت سعاد كموهبة جديدة على الشاشة وتم ترشيحها في العديد من الأدوار التي تحتاج لفتاة في مقتبل العمر تتمتع بالرقة، مع أكبر مخرجي السينما المصرية، مثل صلاح أبو سيف، عز الدين ذو الفقار، يوسف شاهين، حسن الإمام، وكمال الشيخ، وشاركت في أفلامها نجوم السينما المصرية من عدة أجيال، مثل صلاح ذو الفقار، رشدي أباظة، نور الشريف، وأحمد زكي.
وحظيت سعاد حسني بمشوار حافل من النجاحات في السينما، وقدمت نحو 91 فيلماً، كان لمعظمها نصيب من النجاح، منهم إشاعة حب، السفيرة عزيزة، غصن الزيتون، عائلة زيزي، الجريمة الضاحكة، فتاة الإستعراض، صغيرة على الحب”، وبالإضافة لأربعة أفلام خارج مصر، بالإضافة إلى المسلسل الشهير” هو وهى”، الذي شاركها فى بطولته الفنان أحمد زكى، كما قدمت ثمانى مسلسلات إذاعية.
حصلت سعاد حسني على العديد من الجوائز السينمائية وكُرمت من قبل الرئيس أنور السادات في عام 1979 في إحتفالات عيد الفن، بدأت تعاني من مشاكل صحية في العمود الفقري عام 1987، ما جعلها تبتعد عن الأضواء والتمثيل.
وكان آخر أعمالها هو “الراعي والنساء”مع الفنان أحمد زكى والفنانة يسرا عام 1991.
وكان لإنقطاعها هذا سر كبير، فالسندريلا التي ظلت تُعالج من مشاكل في العصب السابع، ومشاكل في فقرات الظهر، داهمها المرض في كواليس تصوير العمل، وقررت بعد الإنتهاء منه الذهاب إلى باريس لإجراء عملية جراحية، وقالت في لقاء تلفزيوني لها: «مش بفكر في حاجة غير أني أتعالج علشان أنا مبقتش أعرف أمسك الجرنال من الوجع».
وكان لدي سعاد حسني العديد من السيناريوهات والعروض السينمائية، تركت كل هذا وذهبت لإجراء عملية جراحية في باريس، وتلقت العلاج بالكورتيزون بعدها، فتسبب في زيادة كبيرة في وزنها، فلم تتقبل أن يراها الجمهور بشكلها الجديد، بوزنها الزائد، خاصة وأنها كانت دائمًا تحافظ على وزنها، ورغم أن القاهرة كان بها العلاج، لكنها ترفض أن يراها أحد من الجمهور هكذا، وكانت دائمًا ما تتخفى في شوارع القاهرة أثناء الزيارات.
وتوفيت سعاد حسني في 21 يونيو 2001 عن عمر 58 عاماً، أثناء تواجدها للعلاج بالعاصمة البريطانية لندن، في ظروف غامضة،إثر سقوطها من شرفة شقة كانت تقيم فيها في لندن. تضاربت الأنباء حول موتها، بين شكوك في مقتلها أو إنتحارها، وشكلت قضية موتها غموضًا كبيرًا لم يحل إلى الآن.