د. حسام فتحي: جراحات القلب والصدر أصبحت أسهل الآن.. والحياة الصحية رقم واحد
حوار: سلمى عبد الله
جراحة القلب والصدر هي مجال طبي يختص بالعلاج الجراحي للأمراض التي تؤثر على الأعضاء داخل القفص الصدري، أي علاج أمراض القلب والرئتين جراحيا.
تُعد جراحة القلب والصدر من أصعب المجالات في الطب البشري؛ وربما يعود ذلك لأن أمراض القلب والصدر من الأسباب الرئيسية للوفاة.
نمتلك العديد من الخبراء في مجال جراحة القلب والصدر، منهم د. حسام فتحي، أستاذ بكلية طب قصر العيني جامعة القاهرة، وعضو الجمعية المصرية لجراحة القلب والصدر.
أجرت “مجلة كلاسي” حوارا مع د. حسام فتحي، والذي قدم من خلاله العديد من المعلومات المفيدة عن جراحة القلب والصدر، كما حرص على توجيه بعض النصائح التي تساعد في المحافظة على القلب.
نبذة عن د. حسام فتحي:
أ.د. حسام فتحي علي سيد، حاصل على:
-بكالوريوس الطب والجراحة بتقديم عام امتياز مع مرتبة الشرف.
-ماجستير الجراحة العامة بتقدير عام امتياز.
-دكتورة جراحة القلب والصدر. كلية طب قصر العيني جامعة القاهرة.
الآن أشغل منصب أستاذ بكلية طب قصر العيني جامعة القاهرة، ورئيس وحدة حوادث القلب والصدر بمستشفى 185 بقصر العينى. كما أنني عضوا بالجمعية المصرية لجراحة القلب والصدر.
وظيفتي تحتوي على شقين، أولا أنا جراح في القصر العيني وجميع مستشفيات جامعة القاهرة، وأيضا لدي عملي الخاص بمستشفيات في الخارج.
الشق الثاني هو الجزء التدريسي لطلاب القصر العيني، سواء على مستوى البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراة، بالإضافة إلى أنني مُمتحن للماجستير، البكالوريوس والدكتوراة.
حدثنا عن جراحة القلب والصدر:
جراحة القلب والصدر تنقسم إلى 3 أجزاء..
أولا: جراحات القلب في الكبار، وتشمل:
-جراحات الشرايين التاجية، وهي التي يتم بها علاج انسدادات الشرايين التاجية للقلب.
-جراحات الصمامات، وهي التي يتم بها علاج مشاكل صمامات القلب. مثل الارتجاع أو الضيق بالصمام.
– الجراحات الأخرى، مثل جراحة الشريان الأورطي، وهو الشريان الرئيسي للجسد بأكلمه، وهذا مجال واسع جدا من الجراحات المتخصصة.
ثانيا: جراحات العيوب الخِلقية الخاصة بالأطفال. هذا الطفل الذي يُولد بعيب خِلقي بالقلب ويحتاج إلى العلاج، وهذا فرع واسع جدا.
ثالثا: جراحات الصدر. ويندرج تحتها أصحاب المشاكل في الرئة أو الصدر، ومرضاه يحتاجون تدخلات جراحية لإصلاحها.
ما معنى “جراحة قلب مفتوح”؟
جراحة القلب المفتوح لا تعني الإمساك بالقلب وفتحه، هذا لفظ عارٍ تماما من الصحة.
المقصود بجراحة القلب المفتوح هي تلك الجراحة التي نستخدم بها ماكينة القلب الصناعي، وهي عبارة عن مجموعة من الروؤس التي تدور وتأخذ الدم من جسد الإنسان حتى تعمل على امداده بالاكسجين. وكذلك تنقيته وإزالة الشوائب منه، ثم تُعيد ضخه إلى جسد المريض مرة أخرى أثناء العملية.
لماذا يوجد خوف وصدمة دائما تجاه عملية القلب المفتوح؟
بسبب ارتباط العقل بأن سماع اسم عملية “القلب المفتوح” يُعطي شعور بالصدمة.
ويرجع ذلك إلى أن هذه العملية في الماضي كانت من العمليات الهُلامية، الخطيرة والتي لا تؤدي دائما إلى نتائج جيدة، ولكن الآن النتائج تُقان بالنتائج العالمية بنسبة 98% و99%، أي أن نسبة النجاح عالمية وعالية جدا.
مثلها كمثل فكرة “عملية في المخ”، والتي أيضا تُسبب الهلع الشديد، في حين أن عمليات جراحة المخ الآن خفيفة ونتائجها جيدة جدا ولا يوجد بها مشاكل.
ما هي أحدث تقنيات جراحة القلب؟
جراحات القلب في الشرايين التاجية تتم بنظام يُسمى “القلب النابض”، بمعنى أن القلب ينبض بشكل طبيعي أثناء العملية، كما يوجد نظام “التدخلات المحدودة”، والذي يتمثل في تضييق حجم فتحة الجرح مثلا أو فتحها من الجانب.
أما بالنسبة لحالات الصمامات، فيوجد أيضا “التدخلات المحدودة”، وبها نقوم بفتح فتحة صغيرة جدا للصدر، بحيث تكون جميلة من ناحية الشكل، وأيضا من الممكن أن تكون الفتحة في الجانب حتى لا تكون واضحة بشكل كبير.
يوجد الآن جراحات مثل الصمام الأورطي، هناك ما يُسمى “أوزاكي”، ونقوم فيه بتفصيل الصمام من الغشاء التموري ذاته للمريض، والذي يتواجد حول القلب.
عند وجود مشكلة في الشريان الأورطي الكبير الذي يبدأ من القلب حتى أسفل البطن ويتفرع إلى القدمين، وهو التابع للشريان الأورطي، فكان من الضروري اللجوء إلى عملية، أما الآن يوجد دعامات، أي وضع دعامة كبيرة في الشريان بأكمله؛ حتى يتوفر على المريض إجراء عملية جراحية كبيرة جدا.
كما يوجد الآن “الهايبرد تكنيك Hybrid technique”، وهذا يُمكن من إجراء جزء من العملية بالجراحة، أما الجزء الآخر فبالقسطرة، والهدف هو تقليل فتحة الجرح على المريض، فبدل من أن تكون فتحة كبيرة مع 3 شرايين تُصبح صغيرة مع شريانين فقط والثالث بالقسطرة؛ وذلك بسبب بُعد مكان الشريان الثالث في القلب.
الاتجاه بأكمله الآن قائم على “تقليل حجم الفتحة الجراحية”.
حدثنا عن العيوب الخِلقية في الأطفال:
العيوب الخِلقية في الأطفال تنقسم إلى نوعين، عيوب خِلقية بسيطة كمعاناة طفل من ثُقب في القلب أو وصلة شريانية بين الشريان الأورطي والشريان الرئوي، وهي علاجها عبارة عن عميلة جراحية، ولكنها بسيطة.
بالإضافة إلى وجود نوع مُعقد أو مُركب، وهو متمثل في مجموعة عيوب خِلقية كبيرة مع بعضها البعض، وإصلاحها يكون بعملية جراحية أيضا، ولكنها تكون أكثر تعقيدا وخطورة وتحتوي على مجهود أكبر، مع العلم أن نتائجها أصبحت جيدة جدا مؤخرا.
هل التعامل مع الأطفال يُشكل صعوبة؟
لا، ليس بالشيء الصعب؛ وهذا بسبب أن الطفل يكون مُخدر.
الطفل صاحب العامين أو الثلاثة أعوام عمره لا يسمح له بإدراك ما حوله، ولكن إذا كان أكبر قليلا فإننا نُعاني ونشعر بالحزن من أجله.
ولكن في النهاية عندما نرى الطفل بعد شهرين مثلا من العملية يضحك ويركض نفرح كثيرا.
وفي جراحة القلب، نُعطي للمريض مُهدءا مساء يوم العملية، وآخر قوي جدا قبل نزوله إلى غرفة العمليات، بحيث لا يكون واعي كثير بالذي حوله، من المهم جدا بالنسبة لنا ألا يشعر المريض بالتوتر قبل العملية الجراحية.
شعور المريض بتوتر قبل العملية الجراحية في الشرايين من الممكن أن يؤدي إلى جلطة في القلب..
هل بالفعل لا يوجد حل للشريان الوتيني إذا تعرض إلى القطع؟
صحيح، الشريان الأورطي هو “الماسورة الأم” التي تخرج من القلب وتقوم بتغذية الجسد بالكامل، أحد الشريان التي تتفرع منه هو الشريان الوتين الذي يعمل على تغذية الدماغ، فإذا تعرض للقطع فإنه يُؤدي إلى غيبوبة كاملة.
وللمعلومة.. لا ينقطع هذا الشريان ببساطة أو بدون سبب، لابد من وجود سبب قوي مثل القطع المتعمد، بسكينة على سبيل المثال.
ولكن إذا تعرض أحد إلى ضربة قوية في هذا الشريان فعليه الذهاب إلى أقرب مستشفى على الفور.
هل الحزن يُؤثر على القلب؟
بكل تأكيد، هنا يجب التفريق بين شيئين مهمين جدا، هناك مريض من الممكن أن يتعرض إلى جلطة في القلب أو المخ نتيجة الحزن؛ بسبب ارتفاع الضغط من الحزن.
ولكن ليس كل وجع يشعر به المريض هو جلطة؛ لأنه يوجد شيء يُسمى “إلتهاب الغشاء البلوري” الذي يتواجد حول الرئة، بمعنى أن المريض الذي يشعر بـ”نغزة” في القلب من الممكن أن تكون نتيجة حزن أو ضيق أو تناول مشروبات كالشاي أو القهوة كثيرا أو أن هذا الشخص مُدخن، وليس من الضروري أن تدل على وجود شيء في القلب.
نستطيع التفريق بين الاثنين بالطريقة الآتية:
إذا تذكر شخص ما موقف حزين أو تناول شاي وقهوة كثيرا، إلى جانب المُدخنين، فإنه عندما يأخذ نفس عميق تزداد “النغزة” التي يشعر بها، هذه لا خوف منها وعلاجها أي دواء لتسكين الألم.
ولكن إذا كان هناك وجع ثابت، فهذا وضع خطير.
هل صحيح أن الحزن أو الدموع تؤدي إلى تقطيع شريان القلب؟
لا، هذا كلام مجازي؛ من أجل توصيل أهمية الهدوء وعدم العصبية، وأن الحالة النفسية أيضا مهمة جدا وتُؤثر على الأعضاء.
هناك ما يُسمى بـ”Psychosomatic disorder”، وهو الاضطراب النفسي الجسدي والذي يعني أن يجلس المريض أمام الطبيب ويخبره بشكوى تنطبق تماما على مرض معين، وهو في النهاية لا يُعاني من أي شيء.
ما هي أكثر الحالات الصعبة التي ممرت بها وتعاطفت معها؟
طفل يبلغ من العمر 7 أعوام، أجريت له عملية إخراج مسمار من القلب، هذه الحالة انتشرت في كل مكان وتم تكريمي من د. منال المصري عميدة كلية طب القصر العيني جامعة القاهرة آنذاك.
كما أنني لا أنسى مريضة سودانية كانت تُعاني من ورم شديد جدا في الصدر، كل المؤشرات وقتها كانت تُشير إلى أنه ورم خبيث ومن الصعب إزالته بأكمله، ولكن الحمد لله استطعت إزالة هذا الورم بالكامل، وعندما خرجت أخبرت والدها أنه ورم حميد، فأنا لا أنسى أبدا مظهره وهو يسجد سجدة شكر وظل يبكي لدرجة أنني بكيت معه.
ما معنى أن الرئة لا تقوم بوظيفتها على أكمل وجه؟
هذا له أسباب كثيرة جدا، الرئة عبارة عن مجموعة حويطلات صغيرة جدا لدرجة أنها لا تُرى بالعين المجردة، عندما يُولد الطفل تكون حويصلته صحيحة لا تُعاني من مرض، كما أن الجدار الخاص بها سميك، والتي تستقبل وتخرج الغازات من خلاله بكفاءة.
ولكن في بعض الأوقات يؤدي التدخين إلى انتفاخ هذه الحويصلات السليمة؛ نتيجة هواء السجائر الأسود فتتمدد. ومن الممكن أن تنفجر حويصلة أو أكثر من هذه الحويصلات المُتمددة مُهددةً حياة المريض وتعرضه للخطر ومن الممكن للوفاة.
فأرجوكم.. اقلعوا عن التدخين.
هل الحالة الاجتماعية ترتبط بأمراض معينة؟
نعم، المريض الذي يُعاني من مشكلة في الصمامات يكون ذو حالة اجتماعية منخفضة غالبا؛ بسبب وجوده في مكان لا يحتوي على تهوية جيدة، كما أنه يُعاني من التهاب اللِوز المتكرر، وبالتالي قد تحدث مشكلة في الصمامات.
أما المريض الذي يُعاني من ضيق في الشرايين التاجية التي تؤدي إلى ذبحة صَدرية، فهذا يندرج تحت فئة الأغنياء أكثر من الفقراء؛ وهذا بسبب الحياة المرفهة التي تتسم بعدم السير على الأقدام وعدم الحركة وعدم ممارسة الرياضة، بالإضافة إلى الطعام الذي من الممكن أن يحتوي على كمية دهون زائدة.
ولكن العيوب الخِلقية في الأطفال ليس لها علاقة؛ بل تكون نتيجة للجينات.
ما هي النصائح التي توجهها للمحافظة على القلب؟
الحياة الصحية، من الضروري أن يكون كل شيء صحي في حياتنا.
ويجب الإقلاع عن التدخين، فهو أكبر وأسوء عادة في الحياة، فإنه يحتوي على 400 مادة مسرطنة، ويؤدي إلى سرطان الرئة، المثانة والغشاء البلوري، السرطان قاتل بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
ذلك إلى جانب الرياضة، السير على الأقدام لمدة ساعة في اليوم الواحد يحمي من أمراض كثيرة جدا.
يجب أن يكون الطعام بعيدا عن الدهون، 90% مِن مَن يُعانون مِن مشكلة في الشرايين لديهم ارتفاع في نسبة الكوليسترول والدهون الثلاثية المتواجدة في القلب.
أيضا التهوية، تهوية المنزل كل يوم مهم للغاية، من الضروري أن تدخل الشمس إلى المنزل؛ حتى لا نمرض بأدوار التهاب اللِوز المتكرر، والذي يؤثر على صمامات القلب ويؤدي إلى حُمى روماتيزمية.