فنانون حفروا أسماءهم في ذاكرة السينما العربية ولا تشغلهم البطولة المطلقة
كتبت : مادونا عادل عدلي
في هذا الوقت الحالي الذي نخد فيه صراعات النجوم الشباب في السينما على البطولة المطلقة وتجاهل باقي المشاركين في العمل الفني
وكأن لا وجود لهم سوى مهمة السنيد للنجم الأول بطل العمل من الجلدة للجلدة، نجد أن ذاكرة السينما تذكر نجوماً كباراً حفروا أسماءهم بحروف من نور
وهذا من خلال الأدوار الثانية ومنهم: زكي رستم ومحمود المليجي وحسين رياض وعبدالمنعم ابراهيم وعبدالمنعم مدبولي واستفان روستي وتوفيق الدقن وعمر الحريري، وهؤلاء النجوم لم تشغلهم صراعات البطولة المطلقة ولذلك تألقوا في أدوارهم الثانية وسطروا تاريخاً كبيراً في ذاكرة السينما العربية
ففي البداية يقول الفنان عمر الحريري: منذ بداية مشواري الفني قبل نصف قرن تعاملت مع الفن من منطلق الحب للعمل الذي أمارسه والهواية التي هي مهنتي وهذا جعلني أقيم الدور الذي يعرض عليّ وفق معياري الشخصي فإذا أحببت الشخصية ورأيت انني سأستمتع وأنا أجسدها أقبلها على الفور دون أن أبالي بالمساحة فالمهم بالنسبة لي مدى تأثيرها في أحداث الفيلم.
وقال الفنان الراحل حسن حسني: الفنان الأطول عمرا والأكثر تأثيرا في جمهوره هو الأكثر التزاما في ادواره بصرف النظر عما اذا كانت بطولة أم ادوارا ثانوية والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها استفان رستي وشرفنطح وعباس فارس
وأيضا عبدالمنعم ابراهيم وشفيق نورالدين وتوفيق الدقن وهؤلاء وغيرهم لم يلعبوا البطولة المطلقة في السينما إلا في حالات قليلة لكنهم تحولوا مع مرور السنوات الى عباقرة في فن التمثيل ولم ينسهم الجمهور والأجيال الجديدة من خلال ادوارهم وسر عبقرية هؤلاء الكبار انهم وصلوا الى كل الاجيال من خلال الادوار البعيدة عن البطولة وكل منهم جعل دوره الصغير بطولة.
واضاف: وضعت هذه الصورة وهؤلاء النجوم امامي في بداية مشواري الفني حيث يمكن ان يكون لي نصيب من المكانة الفنية الجيدة لو أتقنت كل دور يسند لي ولو تعاملت مع الدور الصغير على أنه كبير وقد حققت نسبة كبيرة من ذلك وأنا سعيد بالمكانة التي وصلت اليها دون ان يشغلني هاجس البطولة المطلقة
وقال الفنان أحمد راتب: الأساس في الفنان موهبته وصدقه وحبه للفن ثم ثقافته وذكاؤه الذي يمكنه من حسن اختيار أدواره وأعماله و لو امتلك هذه العناصر
وتابع الفنان : فسيتمكن من تحقيق مكانة فنية بارزة على ساحة الفن وان يصنع تاريخا فنيا محترما بعيدا عن وهم البطولة المطلقة وتاريخ السينما كما هو حافل بالفنانين الكبار الذين صنعوا تاريخ السينما رغم انهم كانوا بعيدين عن البطولة المطلقة فهو حافل ايضا بالعديد من الذين جسدوا البطولة المطلقة وأتيحت لهم هذه الفرص الكبيرة تباعا لكنهم لم يصنعوا اي تاريخ فني ونسيهم الجمهور .
وكان قد قال الفنان عزت ابوعوف: في حياة كل فنان وهم اسمه الدور الأول او دور البطولة المطلقة فأنا لا أعرف معنى كلمة بطولة ولا كلمة مطلقة فالأصل في العمل الفني او عمل الممثل ان هناك دورا لا يستقيم العمل الفني بدونه ولو حذفناه يؤدي إلى خلل درامي يفسد الفيلم كله حتى ولو كان هذا الدور مشهدا واحدا اما لو كان دورا كبيرا ويحتل مساحة كبيرة من الفيلم ويقولون عنه دور بطولة لكنه لا يقول شيئا واهميته محدودة فإنني أعتذر عنه لأن الجمهور لا يتذكر الا الأدوار المهمة.
وأضاف: لا أحد ينكر مكانة وجماهيرية فنان مثل عادل ادهم او محمود المليجي او زكي رستم فهؤلاء أمضوا مشوارهم الفني بعيدين عن أدوار الفتى الوسيم بطل الفيلم بل كانوا يقومون بالدور الثاني ومع ذلك سيظل تاريخ السينما وتاريخ فن التمثيل يذكر هؤلاء النجوم أنهم كانوا أساتذة وعباقرة في الأداء واستطاعوا ان يفرضوا موهبتهم وقيمتهم الفنية على ادوارهم وأعمالهم
وقال الفنان رياض الخولي: تاريخ السينما حافل بالعديد من الأفلام التي يشاهدها الجمهور ليستمتع بأداء فنانين بعينهم رغم ان هؤلاء الفنانين لم يكونوا هم الأبطال ومنهم صلاح منصور في فيلم “الزوجة الثانية” ومحمود المليجي ويحيى شاهين في فيلم “الأرض” ويوسف شاهين في شخصية “قناوي” في فيلم “باب الحديد” او زكي رستم في فيلم “رصيف نمرة 5” هؤلاء جميعا جعلوا الدور الثاني بطولة والفنان الراحل عادل أدهم من أبرز الأمثلة فالجمهور يعتبره البطل في كل افلامه رغم انه عاش حياته الفنية كلها يؤدي الدور الثاني
وقال الفنان صلاح عبدالله: الدور هو البطل وليس الاسم فأيهما أفضل دور بطولة يبدأ من البداية حتى كلمة النهاية في فيلم تافه أم دور صغير في فيلم مهم ومؤثر؟ المهم الصغير في ذاكرة الناس وذاكرة السينما ومنذ بداياتي لم أشغل نفسي بحلم البطولة المطلقة او ان اكون الفتى الأول والفن من وجهة نظري أكبر من هذه النظرة التافهة فأفلامنا الجيدة في تاريخ السينما صنع جودتها وأكد أهميتها فنانون كبار شاركوا بها ولم يكونوا ابطالها، ولابد ان تتغير نظرتنا للفن والسينما بالتحديد وان نتعامل بعمق لا من خلال بطل الفيلم فالسينما الجادة تعتمد على طرح قضايا لا على ممثل وسيم يصبح بطلا للفيلم لمجرد وسامته حتى ولو كان بنصف موهبة فالفن موهبة ورؤية.
وقال الفنان الراحل سامي العدل: انا بطل في دوري مهما كان صغيرا ولو لم يكن الدور مهما وحيويا ما كان صانعو الفيلم أسندوه لممثل أو استدعوا له فنانا ليجسده
ويوجد لدينا نماذج رائعة لفنانين كبار ضربوا المثل في المصداقية الفنية عندما قبلوا أدوارا صغيرة ورحبوا بها وجسدوها وأثبتت الأيام انهم كانوا اصحاب رؤية في قبولهم لهذه الأدوار لأنهم رأوا انها ادوار بطولة رغم صغر حجمها مثل دور فاروق الفيشاوي في فيلم “سوق المتعة” ويسرا في فيلم “معالي الوزير” والهام شاهين في فيلم “أيام الغضب”.